وفاة الشيخ محمد بن علي بن آدم الأثيوبي – بقلم: د. محمد أكرم الندوي أوكسفورد

قياسي

بسم الله الرحمن الرحيم

توفي اليوم (يوم الخميس العشرين من صفر سنة 1442هـ) في مكة المكرمة شيخنا المجيز العالم الصالح محمد بن علي بن آدم الأثيوبي صاحب شرح صحيح مسلم، قاضيا حياة حافلة بجليل الأعمال، ومخلفا وراءه عظيم الإنتاجات والآثار، إن أفعال الكرام لكريمة، وإن مناقب العظام لعظيمة.
وهو العلامة المحدث الفقيه الشيخ محمد بن الشيخ علي بن آدم بن موسى الأثيوبي، ولد سنة 1366ه تقريباً.
ومن شيوخه: والده، قرأ عليه كتب العقائد، وكتب الفقه الحنفي، كمختصر القدوريّ، مع شروحه، وكنز الدقائق مع شرح العيني، وتنوير الأبصار مع شرحه، والفوائد السمية شرح الفرائد السنية، ومن كتب أصول الفقه، المنار وشرحه، وحواشيه، والتوضيح لصدر الشريعة، مع شرحه التنقيح، وكتاب التسهيل، وجمع الجوامع مع شرح المحليّ، وحاشيتي البناني والعطار، ولب الأصول مع شرحه، وقرأ عليه التلخيص للقزويني في البلاغة مع شروحه، وقصيدة حرز الأماني في القراءات السبع للشاطبي مع شرحها سراج القاري، وصحيح البخاري، وبعض كتب علم الحساب، وعلم الجبر والمقابلة، وكتب علم الميقات، وتعلم منه الرُّبْع الْمُجَيَّب، وأجازه بلفظه، وكتب له إجازة بديعة.
ومن شيوخه أيضًا الشيخ محمد قيُّو ابن وديّ، والعلامة النحويّ اللغويّ الأديب الشيخ محمد سعيد بن الشيخ علي الدَّرّيّ، أخذ منه بعض الصحيحين، والنحو، والصرف، والبلاغة، والمنطق، والمقولات العشر، وآداب البحث والمناظرة، وأصول الفقه، وبعض الفواكه الجنية للفاكهيّ، وألفية ابن مالك، وشرح ابن عقيل عليها، وحاشية الخضري عليه، ومجيب الندا على قطر الندى مع مراجعة حاشية ياسين الحمصي، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب مع مراجعة حاشيتي الدسوقي والأمير، وشافية ابن الحاجب مع مراجعة شروحها، وكتب البلاغة، كتلخيص القزويني مع شرحه وحواشيه، وكتب المنطق، كالسلم المنورق وشروحها، وحواشيها، والإيساغوي وشروحها، ومتن الشمة، والمقولات العشر، ورسالة في علم الوضع، ومن كتب أصول الفقه، المنار وشروحها وحواشيها، وكتب له إجازة فائقة.
ومنهم العلامة النحوي خليل زمانه، وسيبويه أوانه الشيخ عبدالباسط بن محمد بن حسن الإتيوبيّ البورنيّ الْمِنَاسيّ، تلقى منه العلوم العربية، وغيرها، فقرأ عليه إعراب المقدمة الأجرومِيَّة، وملحة الإعراب، وشرحها كشف النقاب، والفواكه الجنية، و نظم طلعة الأنوار في مصطلح الحديث، وأجازه، ومنهم الشيخ إسماعيل بن عثمان زين اليمني أخذ منه حديث الرحمة المسلسل بالأوليّة أوليةَ حقيقيّة، والمسلسل بتحريك الشفة، وقرأ عليه كثيرًا من موطأ الإمام مالك، وكثيرًا من صحيح البخاريّ، وكثيرًا من سنن النسائيّ، وسمع عليه بقراءة غيره كتبًا أخرى، وأجازه إجازة عامة، وناوله ثبته، وله شيوخ غيرهم.
عني بالتدريس والتأليف، ومن مؤلفاته: شرح سنن النسائي المسمى بذخيرة العقبى في شرح المجتبى اثنان أربعون مجلداً، وقرة عين المحتاج في شرح مقدمة مسلم بن الحجاج، مجلدان، والبحر المحيط الثجاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج في أربعة عشر جزءا، و مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن ابن ماجه، كتبت منه أربع مجلدات، و قرة العين في تلخيص تراجم الصحيحين، مجلد، طبع مرتين، وله أشياء أخرى.
زرته يوم السبت 29 من ذي القعدة سنة 1439هـ في مسجده بمكة المكرمة مع أخينا الكريم العالم تركي الفضلي، وهو من أقرب الناس إليه المختصين به، فسلمنا عليه وتحدثنا معه قليلا وأجاز لي إجازة عامة، وسألته أن يجيز أولادي، فلم يرض إلا بإجازة الحضور، وكان متشددا في ذلك، وهو مذهب غير واحد من العلماء.
وكان شيخا زاهدا مقبلا على شأنه، منقطعا عن الناس، تم على يديه من شروح أصول السنة ما لم يحصل لغيره في عصرنا، مبرزا على كثير من الناس علما وأدبا، فخر اللئيم بالدراهم والدنانير والصور والأزياء، وفخر الكريم بسمو النفس وثقوب العقل وتنور الفكر ونبل الخلق، يحسبه دافنه وحده، ومجده في قبره، وحبه في قلوب أصحابه، وذكره على ألسنة الخلائق، فأستغفر الله لهذا العالم الراحل وأسأله أن يشمله بعفوه وكرمه.